آثار الطلاق على الأطفال، وكيف نساعدهم على تخطيها؟

يعدّ الطلاق من المشاكل الاجتماعية المنتشرة بكثرة، وهو من العوامل المؤثرة على بنية وتواصل أفراد العائلة، ولعلّ أكثر من يتأثر بالطلاق هم الأطفال، لذلك على الأهل الأخذ بعين الاعتبار ردود فعل أطفالهم والحرص على مشاعرهم عند اتخاذ قرار الطلاق.

الآثار السريعة للطلاق على الأطفال

ضعف الأداء الأكاديمي والتحصيل العلمي

يؤثر الطّلاق بشكلٍ مباشر على تركيز الأطفال والذي يتجلّى بوضوحٍ على أدائهم الأكاديمي والمدرسي؛ وذلك يُعزَى إلى عدة أسباب هي:^[١][٢]

• شعور الأطفال بالتشتت والارتباك الذهني، وهو ما يؤدي إلى عدم قدرتهم على التّركيز في الدراسة بالشكل الجيد.
• عدم تأقلم الأطفال مع المدرسة أو مكان السكن الجديد، أو حتى المعارف والأصدقاء الجدد، مما يؤثر في رغبتهم تجاه الدراسة والتعلّم وقد يعيقها.
• إهمال الوالدين للأطفال خلال فترة الطلاق بغير قصد، بسبب انشغالهم في تنظيم أمور حياتهم الجديدة يؤثر في متابعة دراسة الأطفال والذي ينعكس سلبًا على تحصيلهم العلمي.

للمزيد: كيفية التعامل مع الطفل الرافض للمذاكرة: طرق ونصائح

زيادة المشكلات الصحية

ينعكس الطلاق بشكل سلبي على صحّة الأطفال الجسدية والنفسية، ويمكن شرح هذا التأثير على النحو التالي:

• زيادة احتمالية الإصابة بالمشكلات النفسية عند الأطفال؛ مثل الاكتئاب، أو التوتر، أو الإجهاد، أو القلق، والتي قد يحتاج بعضها إلى التدخّل العلاجي للحدّ من حدوث أضرارٍ بمستوى أكبر.^[٣][٤][١]
• الإصابة باضطراباتٍ ومشكلاتٍ سلوكية؛ مثل التبوّل اللاإرادي، أو العنف، أو الصراع مع الأطفال الآخرين في المدرسة، فقد تكون مثل هذه الاضطرابات تعبيرًا عن شعورهم بالغضب والاستياء.^[٥]
• زيادة احتمالية الإصابة بالأمراض الجسدية، وذلك بسبب التغييرات التي تطرأ على النظام اليومي للأطفال، كصعوبة النوم.^[٤][١]

التأثير النفسي والعاطفي

يواجه الكثير من الأطفال صعوبةً في تقبّل قرار طلاق والديهم، فتتأثر نفسياتهم مُتجلّية بما يلي:

• الشعور بالذنب؛ يتبادر إلى ذهن الأطفال بعد طلاق والديهم السؤال عن السبب والأمور التي أدّت إلى ذلك، وما إذا كان الطلاق قد نتج من انعدام المحبة بين الوالدين، لذلك فإن بعض الأطفال قد يشعرون بأنهم أحد الأسباب المؤدية للطلاق.^[٦]
• خيبة الأمل والشعور بالحزن والضّيق بعد طلاق الوالدين؛ وذلك لقلّة الدعم العاطفي الذي يحصلون عليه بعد الطلاق، وقد يزداد الأمر سوءًا بالأخصّ عندما يتواجد الأطفال مع أحد الوالدين للرعاية، فحينها سيشعرون بالنقص لعدم وجود الطرف الآخر.^[٧]

الآثار بعيدة المدى للطلاق على الأطفال

مشكلات سلوكية واجتماعية

يصبح الأطفال بعد الطلاق أكثر عدوانيةً وعنفًا تجاه الآخرين، فقد يغضبون بشدة إذا تمّ لمس أغراضهم الشخصية، ويبدون الرغبة في الاعتداء على كلّ من يفعل ذلك، وهذا يتسبب بأفكارٍ إجرامية في وقتٍ لاحق إن لمّ يتمّ السّيطرة عليها.^[٧]

مشكلات في التواصل مع الآخرين

يكوّن الطلاق عند الأطفال نظرةً سلبية حول الزواج، إذ ستتكوّن لديهم أفكار سلبية حول العلاقات، فتحيط الشكوك بأفكارهم ومشاعرهم المتعلّقة بالارتباط، ولا يؤمنون بتكوين عائلةٍ قائمة على الحب، والتي تكون ناجمةً عن انعدام الثّقة فيما إذا كانوا قادرين على حلّ المشكلات الزوجية والنزاعات التي تحدث في أيّ عائلة.^[٨]

تأثير الطلاق في الأطفال الرضع وصغار السن

يتأثر الأطفال في الطلاق من مختلف الأعمار، سواءً كانوا متوسطي العمر أو أطفالاً صغارًا، أو رضعًا، فعلى الرّغم من عدم إدراك الأطفال الصّغار ما يجري من حولهم بشكلٍ كامل وبخلاف الأطفال الأكبر سنًا، إلا أنهم بحاجةٍ للرعاية والاهتمام المُضاعَف من الزوج الحاضن، ومتابعة أمور نموّهم وصحّتهم، ومن الآثار التي قد يعانيها الأطفال الصغار نتيجة افتقاد أحد الوالدين؛ هو البكاء بشكل متكرر والغضب، أو الاستيقاظ في أوقاتٍ متأخرة من الليل والبكاء، بالإضافة إلى الإحساس بالخوف وانعدام الأمان بسبب الاشتياق إلى أحد الوالدين أو افتقاده.^[٩]

نصائح لمساعدة الأطفال على تخطّي آثار الطلاق

فيما يلي مجموعة من الطرق والنّصائح التي لا بدّ على الوالدين أخذها بعين الاعتبار لمساعدة أطفالهم على تخطّي مرحلة ما بعد الطلاق، والتي نوضّحها على النحو التالي:

قول الحقيقة

يجب على الوالدين شرح الموقف لأطفالهم إن كانوا قادرين على الاستيعاب والفهم وانتقاء العبارات المناسبة خلال ذلك، ودعم الموقف بأن الطلاق لا يغيّر من محبة الأهل لأطفالهم واهتمامهم بهم، بل إن ذلك سيساعدهم على العيش بهدوءٍ وراحة بعيدًا عن النزاعات والخلافات، وبوجود كلا الأبوين، حتى وإن كانا في بيتين منفصلين.^[٢][١٠]

تعلّم الأهل كيفية التعامل مع أطفالهم بعد الطلاق

هناك العديد من البرامج المُتاحة أو الكتب التي قد يلجأ إليها الوالدان المقبلان على الطلاق، تساعدهم على تعلّم مهارات واستراتيجيات تساهم في تكيّف أطفالهم مع الوضع الجديد، فعلى الوالدين الوقوف إلى جانب أطفالهم لمنحهم الشّعور بالأمان وتوفير بيئةٍ آمنة لهم خالية من القلق والتوتر الناجم عن الطلاق؛ والإجابة عن جميع الأسئلة والمخاوف التي قد تنشأ لديهم من المستقبل والذي ينتج عند الأطفال بعد الطلاق يسبب الكثير من القلق والتوتر.^[٤]

مشاركة الأطفال أنشطة جديدة

يمكن أن يلجأ الوالدان لاستخدام دمى وعمل تمثيلية هدفها إيصال موضوع الطلاق بشكل مبسّطٍ وممتع للأطفال، فقد يساعد هذا الأمر على تقبّل الأطفال للطلاق والبدء بحياةٍ جديدة والتأقلم عليها، وربما يبدأون الحديث مع الدمى كنوعٍ من التسلية والتعبير عمّا بداخلهم.^[١١]

منح الأطفال مزيدًا من الرعاية والاهتمام

يمكن أن تنشأ سلوكيات غريبة لدى الأطفال بعد الطلاق -كما أشرنا سابقًا-، والتي يكون سببها إهمال رعاية الأطفال وشعورهم بعدم الأمان، لذلك يجدر بالوالدين الحرص على توفير الأمان والحب الذي يحتاجه الأطفال للتقليل مثل هذه الآثار السلبية.^[١٢]

تشجيع الأطفال للتعبير عن آرائهم

تعتبر القاعدة الذهبية بأن يكون كلا الوالدين مستمعًا جيدًا للأطفال، إذ يجب على تشجيع الأطفال للإفصاح عن مشاعرهم، وكلّ ما يرغبون التعبير عنه، ولا يعتبر منح الأطفال المساحة للعب حتى يهدأ بأمرٍ كافٍ، بل على الوالدين تحفيزهم بالكلام وإشعارهم بأن لرأيهم ومشاعرهم دوراً مهماً ومحورياً في الموضوع وأن كل ما سيقولونه سيتمّ أخذه على محمل الجدّ.^[١٣]

ضبط التوتر

لا يمكننا إنكار أن الوالدين في مرحلة الطلاق يكونان قد مرّا بضغطٍ وتوتر شديدين، ولكن بقدر الإمكان فعلى كل من الوالدين إيجاد طرقٍ للتقليل والتكيف مع هذا التوتر، حتى لا ينعكس على أطفالهم أو يؤثر فيهم، ولأنه كلّما قلل الوالدين من توترهما وتكيّفا مع الوضع بشكلٍ أسرع كلما كانت لديهما القدرة على توفير الرعاية المناسبة لأطفالهم.^[١٤]

محاولة الحفاظ على الروتين الأسري

يُفضّل في مرحلة ما بعد الطلاق عدم إحداث تغييرات في حياة الأطفال ما أمكن ذلك، والحرص على الاستمرار بضوابط التربية وروتين الحياة اليومية كما كانت قبل الطلاق تمامًا، ودون التغاضي عن أخطاء الأطفال بحجة التّعاطف الزائد أو الشّعور بتأنيب الضمير لما يمرّون به؛ لأن ذلك يسبب عواقب وخيمة، إذ لا بدّ من الحفاظ على مواعيد الاستيقاظ، والدراسة، وإتمام الواجبات المنزلية، وتناول الطعام، وغيره من الأمور الكثيرة.^[١٥][٢]