تشيع مُشكلة التبول اللاإرادي بين الأطفال، ومع ذلك يمكن أن يكون هذا الأمر مزعجًا لكل من الأطفال والآباء خاصةً عندما يحدث عند الأطفال الأكبر سنًا، إذ إنّه قد يتسبب في حدوث العديد من المشاكل النفسية والاجتماعية والصحية للطفل، والتي تؤثر سلبًا في قدرته على النوم بشكلٍ مُريح.[١]


ما هو التبول اللاإرادي عند الأطفال؟

سلس البول الليلي (Involuntary Urination During Sleep)، أو التبول في الفراش (Bedwetting) هو التبول اللاإرادي أثناء النوم لدى الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 5 سنوات، وعلى الرغم من أن هذه المشكلة أكثر شيوعًا عند الذكور منه لدى الإناث، إلا أنها تؤثر في الأطفال على اختلاف أجناسهم، ومن الجدير بالذكر أن التبول اللاإرادي لا يُعدّ مشكلةً صحيةً خطيرةً، وعادةً ما يتخلص منه الأطفال فيما بعد، ومع ذلك يمكن أن يكون أمرًا مزعجًا لكل من الأطفال والآباء.[١][٢]


هل هناك أنواع من التبول اللاإرادي؟

نعم، هناك نوعان رئيسيان من التبول اللاإرادي أو سلس البول الليلي، وفيما يلي توضيحًا لكليهما:[٢]

  • سلس البول الأولي: (Primary Enuresis)، هو النوع الأكثر شيوعًا من سلس البول الليلي، ويتميز بأن الطفل لا يقدر على التحكم بمثانته في الليل، ودائمًا ما يُبلل فراشه.
  • سلس البول الثانوي: (Secondary Enuresis)، كان الطفل المصاب بهذا النوع يمتلِك القدرة على التحكم بمثانته في الليل لمدة 6 أشهر على الأقل، ولكنه فقد تلك السيطرة وأصبح الآن يُبلل فراشه مرةً أخرى، ويتطلب سلس البول الثانوي عند الأطفال الأكبر سنًا أو المراهقين تقييمًا من قِبل الطبيب.


أسباب التبول اللاإرادي عند الأطفال

في الحقيقة، لا يزال السبب الدقيق الكامن وراء حدوث التبول اللاإرادي عند الأطفال مجهولًا، ولكن هناك عوامل مختلفة قد تلعب دورًا في ذلك،[٣] وفيما يلي توضيحًا لها:

  • صُغر حَجم المثانة: قد لا تتطور مثانة الطفل بشكلٍ كافٍ لحبس البول الذي يتم إنتاجه أثناء الليل، مما يؤدي إلى التبول اللاإرادي أثناء النوم.[٣]
  • عدم تمييز الطّفل متى تمتلئ مثانته: فمن المُمكن أن تكون الأعصاب المُتحكّمة بالمثانة بطيئة في النضج، لذلك لن تتمكن المثانة الممتلئة من إيقاظ الطفل لإفراغها خاصةً إذا كان ينام بعمق.[٣]
  • خلل هرموني: قد لا ينتج بعض الأطفال في مرحلة الطفولة ما يكفي من الهرمون المضاد لإدرار البول (Anti-Diuretic Hormone - ADH)، والذي يُعدّ مسؤولًا عن إبطاء إنتاج البول أثناء الليل.[٣]
  • التهاب المسالك البولية: (Urinary Tract Infection - UTI)، يمكن أن يُسبب التهاب المسالك البولية للطفل صعوبة في التحكم في التبول، ومن الأعراض والعلامات الدالة على الإصابة بهذا الالتهاب التبول في الفراش، وعدَم السّيطرة على التبول أثناء النهار، وكثرة التبول، والبول الأحمر أو الوردي، والألم أثناء التبول.[٣]
  • الإمساك: يمكن أن يتسبب الإمساك في حدوث التبول اللاإرادي، ويعود السبب في ذلك إلى موقع المستقيم خلف المثانة؛ فإذا تسبب الإمساك في تخزين البراز في المستقيم فإنه سيضغط بدوره على المثانة، مما يحدّ من الطريقة التي يمكن أن تحتجز بها المثانة البول ويؤدي إلى تسربه.[٤]
  • التاريخ العائلي من التبول اللاإرادي: يمكن أن يكون التبول اللاإرادي حالةً موروثة؛ إذ إن جين التبول اللاإرادي يُعدّ قويًا بين العائلات.[٤]
  • الإجهاد والتوتر: قد يتسبب أي نوع من أنواع الضغط النفسي بما في ذلك الإجهاد في حدوث مشاكل التبول اللاإرادي.[٤]
  • الحالات الطبية: إلى جانب التهاب المسالك البولية، قد تتسبب العديد من الحالات الطبية في حدوث التبول اللاإرادي منها مرض السكري، وفقر الدم المنجلي، وانقطاع التنفس أثناء النوم، كما قد تكون المشاكل العصبية، أو تشوهات الكلى أو المثانة من الأسباب المحتملة للتبول اللاإرادي أيضًا، وإذا تكرر التبول اللاإرادي بعد السّيطرة على المُشكلة بستة أشهر أو أكثر فقد يكون سبب ذلك حالةً طبيةً تتطلب علاجًا.[٥]
  • مشكلة هيكلية في المسالك البولية أو الجهاز العصبي: نادرًا ما يرتبط التبول في الفراش بخلل في الجهاز العصبي أو الجهاز البولي للطفل.[٣]


تشخيص التبول اللاإرادي عند الأطفال

لتشخيص التبول اللاإرادي عند الأطفال يُجري الطبيب عددًا من الاختبارات، وفيما يلي توضيحًا لها:[٦]

  • الفحص البدني، وفحص البطن والأعضاء التناسلية الخارجية، بالإضافة إلى فحص أسفل الظهر بحثًا عن أي تشوهات قد تشير إلى وجود مشاكل عصبية كامنة.
  • تحليل البول المِخبري (Urinalysis)، ويُجري من خلال جمع عينة بول وإرسالها لفحصها في المختبر.




إذا لم تُظهر الاختبارات التشخيصية المذكورة أعلاه وجود شيء ما غير طبيعي، فلن يكون هناك داعٍ لإجراء المزيد من الاختبارات.




كيفيّة مُساعدة الطّفل على إدارة التبول اللاإرادي

يُساعد إحداث تغييرات في سلوك الطفل وروتينه الليلي على إدارة التبول اللاإرادي والسيطرة عليه،[٥] وفيما يلي توضيحًا لأهم التقنيات التي يمكنها أن تساعد على ذلك:

  • الحد من شرب السوائل قبل النوم: إذ يُفضل عدم إعطاء الطفل أي شيء يشربه قبل النوم بساعتين على الأقل، والتأكد من أنه يشرب كميات كافية من السوائل خلال النهار.[٥]
  • الذهاب إلى الحمام قبل النوم: يجب التأكد من ذهاب الطفل إلى الحمام وإفراغ مثانته تمامًا قبل الذهاب إلى الفراش.[٥]
  • تذكير الطّفل بالذهاب إلى الحمام بانتظام طوال اليوم: يحدث ذلك من خلال تذكير الطفل بالذهاب إلى الحمام كل ساعتين أو نحو ذلك،[٧] ومن الضّروري حثّ الطّفل على مُراقبة وقت الحاجة للذّهاب للحمام، ويجدُر بالذّكر أنّه كُلّما أصبحت الفترات الزّمنيّة بين زيارات الحمام مُتباعدة ستعتاد المثانة على حبس المزيد من البول.[٥]
  • تجنّب المشروبات والأطعمة التي تحتوي على الكافيين: إذ لا يُنصح الأطفال بشرب المشروبات التي تحتوي على الكافيين في أي وقت من اليوم، ونظرًا لأن الكافيين قد يحفز المثانة، فإنه لا يُنصح به خاصةً في المساء.[٧]
  • توفير بيئة نوم صحيّة للطّفل: وذلك من خِلال توفير بيئة ومجموعة من العادات التي تمنح الطفل نومًا جيدًا ليلاً.[١]
  • الاستشارة النفسية: قد تكون الاستشارة النفسية خيارًا فعّالًا في الحالات التي يكون فيها الطفل قد تعرّض لحدث صادم، أو يعاني من تدني احترام الذات بسبب التبول اللاإرادي.[٥]
  • استخدام جِهاز إنذار التبول اللاإرادي: يُنصح باستخدام منبه يُنذر الطفل بالتبول اللاإرادي في عمر 9 - 10 سنوات تقريبًا، وهو عبارة عن جهاز استشعار يتم تثبيته بمشبك ويُوصل بملابس الطفل الداخلية، ويُشغّل الإنذار عن طريق الرطوبة؛ إذ يصدر صوت إنذار مرتفع أو اهتزاز في الجسم في محاولة لإيقاظ الطفل للتبول، كما يقوم إنذار التبول اللاإرادي بتعليم الدماغ ببطء الاستجابة للرسائل القادمة من المثانة أثناء النوم، وفي بداية استخدامه قد يحتاج الآباء إلى مساعدة أطفالهم على الاستيقاظ عندما يدق المنبه.[٨]


الأدوية التي تُساعد على التخلص من التبول اللاإرادي

يمكن استخدام عدد من الأدوية بمفردها أو إلى جانب الأساليب السلوكية السابقة لعلاج التبول اللاإرادي،[٥] وتُستخدم هذه الأدوية عمومًا فقط إذا كان الاضطراب يتعارض مع أداء الطفل، وعادةً لا يُنصح بها للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 6 سنوات، وتهدف الأدوية إلى تقليل كمية البول التي تفرزها الكلى، أو المساعدة على زيادة سعة المثانة، وتشمل:[٩]

  • الأدوية التي تتحكّم في البول الذي تُنتجه الكلى.
  • الأدوية المُضادّة للاكتئاب، إذ وجدت الأبحاث أيضًا أنه مفيد في علاج سلس البول.




على الرغم من أن هذه الأدوية يمكنها أن تكون مفيدة في التحكم بأعراض سلس البول، إلا أنه بمجرد إيقافها يبدأ الطفل عادةً في التبول مرةً أخرى.




حالات تتطلب مساعدة طبية لعلاج التبول اللاإرادي

عادةً ما يحدث التبول اللاإرادي نتيجةً لمشاكل أخرى غير المشاكل الجسدية، ولكن من الجيد أن يفحص الطبيب الطفل إذا أصبح يعاني من هذه المشكلة باستمرار، ويضمن ذلك تحديد أي مشاكل أساسية كامنة، واختيار طرق العلاج المناسبة، ومن الحالات التي تتطلب مراجعة الطبيب ما يلي:[١٠]

  • إذا كان عمر الطفل ست سنوات على الأقل؛ إذ غالبًا ما يتحسن الأطفال الصغار دون علاج.
  • إذا كان التبول اللاإرادي يزعج الطفل أو يحبطه.
  • إذا بدأ الطفل في التبول بعد عِلاج المُشكلة بفترة طويلة من الزمن.
  • إذا كان الطفل يُبلل أو يتبرز على نفسه أثناء النهار.

المراجع

  1. ^ أ ب ت Danielle Pacheco (28/1/2021), "Bedwetting and Sleep", sleepfoundation, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  2. ^ أ ب "Bedwetting in Children & Teens: Nocturnal Enuresis", National Kidney Foundation, 16/12/2019, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح "Bed-wetting", mayoclinic, 26/10/2017, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت "Nocturnal Enuresis (Bedwetting)", Urology Care Foundation, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  5. ^ أ ب ت ث ج ح خ "Bedwetting", clevelandclinic, 10/10/2019, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  6. David R. Roth, "Nocturnal Enuresis (Bedwetting)", Texas Children's Hospital, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  7. ^ أ ب "Bed-wetting", mayoclinic, 26/10/2017, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  8. "Enuresis (Bedwetting)", Nationwide Childrens Hospital, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  9. Amita Shroff (8/12/2020), "Enuresis in Children", webmd, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  10. "Bedwetting (nocturnal enuresis)", children's health, Retrieved 15/8/2021. Edited.