يتضمّن التوّحد أو ما يعرف بطيف التوّحد (Autism spectrum disorder) نطاق واسع أو شامل لمجموعة من الحالات التي تتميّز بوجود صعوبات وتحديّات بالمهارات الاجتماعيّة، أو التصرفات، أو السلوكيّات المتكررة، أو وجود اضطراب بالتواصل مع الآخرين.[١]



هل يمكن أن يصاب الكبار بالتوحد؟

لا، فالتوّحد لا يمكن أن ينشأ في مرحلة البلوغ أو في مرحلة المراهقة، ولكن السيناريو الذي يحدث أحياناً أنّ بعض حالات التوّحد يتم اكتشافها في مراحل متقدمة من عمر المريض، خصوصاً إذا كان الشخص مصاباً بنوع من التوّحد يسمّى التوّحد عالي الأداء (بالإنجليزية: high-functioning autism) عندما كان صغيراً، كما يشيع تأخر اكتشاف أو تشخيص التوّحد عند الفتيات أكثر من الصبيان.[٢][٣]


لعلك تساءلت: ما هي أنواع التوحد ودرجاته؟


أعراض التوّحد عند الكبار

يوجد هناك عدّة أعراض شائعة الحدوث للتوّحد عند الكبار نذكر منها ما يلي:

  • تحديّات أو صعوبات في التواصل، تتجلّى بشكل واضح في عدم تمكنه من المبادرة بإجراء أي محادثة مع الآخرين.[٤]
  • محاولة السيطرة أو التحكّم بالنقاش أو الحديث مع الآخرين، بحيث يتبنّى أفكاره ومعتقداته الخاصّة بشكل كبير ويحاول هيمنتها أو فرضها على الآخرين.[٤]
  • وجود صعوبات تعيق هذا الشخص عن تكوين علاقات شخصيّة مع الآخرين، كما أنه يتجنّب الجلسات والمناسبات الاجتماعيّة، ويكون خجولاً أو غير مؤهلٍ لحضور مثل هذه التجمّعات.[٤]
  • التركيز بشكل زائد أو الاهتمام المفرط بموضوع معيّن.[٤]
  • عدم القدرة على التقبّل أو التصالح مع أفكار الآخرين، بحيث أنّه يواجه مشكلة في فهم وجهة نظر الأشخاص من حوله، وتفّهم أو تقبّل النقد البنّاء أو أيّة ملاحظات من قبل الآخرين.[٤]
  • صعوبة ملاحظة أو فهم لغة الجسد وتعابير وجه الآخرين والتفاعل معها.[٤]
  • الفهم الخاطئ أو غير المكتمل للمواقف الاجتماعيّة المحيطة به، وبالتالي عدم القدرة على التعامل معها،[٤] ووجود ضعف في استيعاب مشاعر الآخرين.[٥]
  • القلق والتوتر في حال حدوث أي تغيّر مفاجئ على روتينه أو نمط حياته اليوميّة.[٤]
  • عدم القدرة على إتمام متطلبات ومستلزمات حياته اليوميّة بشكل مستقل.[٤]
  • التفاعل بشكل غير طبيعي أو شكل مبالغ به عند سماع بعض الأصوات أو شمّ بعض الروائح التي لا تشكّل مصدراً للإزعاج عند كثير من الناس.[٥]
  • التوتر والانزعاج والشعور بعدم الراحة من فكرة التواصل بالعيون أو لغة العيون.[٥]
  • تصرفات لا إراديّة وغريبة متمثلة بإصدار بعض الأصوات الغريبة كتنظيف الحلق بشكل متكرر.[٥]


بشأن الأطفال، تابع مقال: أعراض وسمات التوحد عند الأطفال بالتفصيل


هل تختلف أعراض التوحد بين النساء والرجال؟

نعم، عادةً ما يكون من الصعب اكتشاف وجود مرض التوحد عند النساء، فعلى سبيل المثال تميل النساء المصابات بالتوحد إلى تخبئة مشاعرهن وعدم الإفصاح عن كل ما يخطر ببالهن، وقد يبدو أنهن يتأقلمن مع المواقف الاجتماعية بشكل أفضل دون أن يبدين ردات فعل غريبة أو غير متوقعة، وهذا ما يجعل اكتشاف التوّحد متأخراً عند بعض الفتيات، ومختلفاً عن التوّحد عند الرجال.[٦]


كيف تبدأ عملية تشخيص التوحد عند الكبار؟

يمكن بدء التشخيص باستخدام نماذج وأدوات التقييم الذاتية ومن ثم عرضها على الطبيب المختص لضمان التشخيص الصحيح، وذلك عند وجود شك أو توقع احتمالية إصابة الشخص نفسه أو أحد المقربين به بمرض التوحد، حيث يمكن العثور على هذه الاختبارات والتقييمات على الإنترنت، والتي تعد نقطة انطلاق جيدة للتشخيص، وقد تساعد نتيجة هذه التقييمات الطبيب على معرفة أو تحديد إذا كان الشخص يعاني من اضطراب طيف التوّحد أم لا، وذلك من خلال:[٥]

  • سؤال الشخص عن الأعراض الحاليّة التي يمر بها والأعراض التي عانى منها سابقاً في أثناء الطفولة.
  • محاولة خَلق جو تفاعلي مع الشخص، والحرص على رصد ومراقبة تصرّفات الشخص وسلوكه.
  • التواصل مع أحد المقربّين أو أحد أفراد أسرته والتكّلم معه لتحصيل أكبر قدر من المعلومات عن المريض، بعد أخذ الإذن.
  • استبعاد أو استثناء أي حالات جسديّة أو صحيّة أخرى قد تسبب أعراضاً شبيهة بأعراض التوّحد من قبل الطبيب.


علاج التوّحد عند الكبار

إنّ فكرة التصالح مع وجود طيف التوّحد في حياة الشخص المصاب به ومحاولة إدراك أنّ هذا الشيء هو جزء من حياته وشخصيّته سيكون هو الحل للتعامل مع هذا الاضطراب والتعايش معه، إلى جانب محاولة ابتكار أو اكتشاف حلول عَمليّة تساعد الشخص على التحكّم والسيطرة على أعراضه، ولتحقيق هذا الهدف يجب أن يسعى المُعالج لوضع خطّة علاجيّة مخصّصة تحديداً لهذا الشخص، والأخذ بعين الاعتبار ظروفه الخاصة، وحياته الشخصيّة، والصعوبات والتحديّات التي يواجهها هذا الشخص، فالأشخاص المصابون بطيف التوّحد عادةً ما يتضمن علاجهم توليفة معيّنة متكاملة من مزيج من العلاجات السلوكيّة، والإدراكيّة، واللفظيّة، مما يحسّن قدرته على إدارة الأزمات والضغوطات في حياته اليوميّة، ويمكنها أيضاً التخفيف من الأعراض التي كان يواجهها سابقاً بطريقة ملحوظة.[٧]


تحليل السلوك التطبيقي

يُعد العلاج الذي يعُرف بتحليل السلوك التطبيقي (بالإنجليزيّة: Applied behavior analysis) أحد أهم العلاجات وأكثرها فعاليّةً لاضطراب طيف التوّحد، حيث يهدف هذا العلاج إلى ما يلي:[٨]

  • تطوير قدرة مريض التوّحد على السيطرة والتحكّم بنفسه في المواقف التي يمكن أن تنشأ خلالها تصّرفات أو سلوكيّات سلبيّة من قبل الشخص، وبالتالي يكون الشخص قادراً على التحكم بردود أفعاله.
  • زيادة قدرة مريض التوّحد على توظيف والاستفادة من مهارات معيّنة مارسها خلال موقف معيّن، بحيث يصبح قادراً أيضاً على نقل هذه المهارات وتوظيفها في مواقف أخرى.
  • تطوير مهارات التواصل الاجتماعيّة، وكذلك مهارات الانجذاب نحو الشخص الآخر.
  • تطوير القدرات الأكاديميّة ومهارات القراءة.
  • زيادة امتلاك الشخص المصاب بالتوحد للمهارات، والخبرات، والحركات اليوميّة البسيطة بصورة صحيحة، والاهتمام بالنظافة الشخصيّة، والمهارات المنزليّة، والالتزام المواعيد.
  • تطوير قدرات الشخص التفاعليّة مع الظروف والبيئة المحيطة، ومساعدة الشخص على اكتساب وتطبيق سلوكيّات إيجابيّة.


الأساليب العلاجيّة الأخرى

يمكن اتّباع إحدى هذه الطرق (أو أكثر) لعلاج طيف التوّحد عند الكبار:[٧]

  • الإشراف المتواصل من قبل أخصائي نفسي مرّخص، والأخذ بتوصيّاته واستشارته بأي أمر متعلق بحالة التوّحد لدى الشخص.
  • محاولة حل المشكلات المتعلّقة بالعمل، وذلك عن طريق إعادة تأهيل وتوجيه الشخص لتفادي أي صعوبات أو تحديّات قد تواجهه في عمله.
  • محاولة عقد أو التخطيط لجلسات عمل جماعيّة، أي لمجموعة من الأشخاص المصابين بالتوّحد والإشراف عليها من قبل أخصائي اجتماعي مؤهل.
  • الالتزام بأخذ الأدوية والعلاجات الموصوفة من الطبيب، لعلاج المشاكل الصحيّة العقليّة التي قد تكون مصاحبة للتوّحد.


هل يمكن أن تتحسن أعراض التوحد مع التقدم بالعمر؟

نعم، فإن غالبيّة المراهقين والبالغين المصابين بالتوّحد يميلون للتحسّن نوعاً ما مع مرور الوقت والتقدّم بالعمر، والشعور بأعراض أقل شدّة، وسلوكيّات أقل حدّيّة وأكثر منطقيّة مقارنة بالسّابق، ولكن للأسف فقدان الأهليّة أو الإعاقات العقليّة التي قد تكون موجودة لا تتحسّن ولا تصبح أفضل مع مرور الوقت.[٩]


للمزيد: أهم المعلومات: مريض التوحد عندما يكبر

المراجع

  1. "What Is Autism?", autismspeaks, Retrieved 18/8/2021. Edited.
  2. "Autism in Adults: Challenges and Resources That Can Help", everydayhealth, Retrieved 18/8/2021. Edited.
  3. "Can a Teenager or Adult 'Develop' Autism? (How It Works)", joinsprouttherapy, Retrieved 18/8/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ "What Are the Signs of Autism in Adults?", additudemag, Retrieved 18/8/2021. Edited.
  5. ^ أ ب ت ث ج "Everything you need to know about autism in adults", medicalnewstoday, Retrieved 18/8/2021. Edited.
  6. "Signs of autism in adults", nhs, Retrieved 18/8/2021. Edited.
  7. ^ أ ب "What You Should Know About Adult Autism Support", udservices, Retrieved 18/8/2021. Edited.
  8. "Applied Behavior Analysis", psychologytoday, Retrieved 18/8/2021. Edited.
  9. "Autism Improves in Adulthood", webmd, Retrieved 18/8/2021. Edited.