تعد حساسية الحليب أكثر أنواع حساسية الطعام شيوعًا عند الأطفال الصغار،[١]خصوصًا خلال السنة الأولى من حياة الطفل، فتظهر علامات التحسُّس على الرضيع الذي يتناول الحليب الصناعي الذي يحتوي على حليب الأبقار، أو حتى على الأطفال الرضَّع الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية في حال تناولت الأم الحليب أو أحد منتجات الألبان،[٢]إذ تنتقل الكثير من الأطعمة عبر حليب الثدي إلى الطفل الرضيع، لكن يجب الإشارة إلى أنّ معظم الأطفال الرضّع لا يتأثرون بأي من أنواع الأطعمة التي تتناولها الأم،[٣]فما الذي يحدث في حال إصابة الطفل بحساسية الحليب؟ 


ما المقصود بحساسية الحليب عند الرضع؟

يمكن أن يعاني أيّ شخصٍ من حساسية الحليب (بالإنجليزية: Milk Allergy) في أيّ عمر، ولكنها تصيب الأطفال الرضع بدرجة أكثر شيوعًا، وغالبًا ما تختفي ببلوغ الطفل 3-5 سنوات من عمره، وتحدث حساسية الحليب عندما يستجيب الجهاز المناعي للبروتين الموجود في الحليب وكأنّه مادة ضارة بالجسم، والذي يظهر بردّ فعلٍ تحسسي عند الطفل، بأعراضٍ عديدة نذكرها لاحقًا، ويجب الإشارة إلى أنّ معظم الأطفال الرضّع الذين يتحسسون من حليب البقر، يتحسّسون أيضًا من حليب الماعز وحليب الغنم، وأحيانًا من حليب الصويا أيضًا، كما يجب الإشارة إلى أنّ الأطفال الرضع الذين يعتمدون في تغذيتهم على الرضاعة الطبيعية، يكونون أقلّ عرضةً للإصابة بحساسية الحليب، مقارنةً بالأطفال الذين يعتمدون على الحليب الصناعي.[٤]


أسباب حساسية الحليب عند الرضع

تحدث حساسية الحليب عندما يُخطئ الجهاز المناعي في جسم الطفل في التعرّف على البروتينات الموجودة في حليب البقر، ويقوم بمهاجمتها، تمامًا كما يفعل عند مواجهة الفيروسات والبكتيريا، فتؤدي هذه الاستجابة غير الطبيعية إلى إطلاق العديد من المواد الكيميائية داخل الجسم، والتي تسبب ظهور الأعراض المُصاحِبة للحساسية،[٥] بالإضافة إلى ذلك يوجد عدد من العوامل التي تزيد من احتمالية إصابة الطفل بحساسية الحليب، وهي:[٦]

  • إصابة الطفل بالاضطرابات التحسُّسية الأخرى: تزداد احتمالية إصابة الطفل الرضيع بحساسية الحليب إن كان يعاني من أنواع أخرى من الحساسية.
  • التاريخ العائلي: تزداد احتمالية إصابة الطفل الرضيع بحساسية الحليب إن كان أحد والديه، أو كلاهما يعاني من الحساسية تجاه أحد أنواع الطعام، أو كان مُصابًا بأمراضٍ تحسُّسية أخرى، مثل الإكزيما، أو الربو، أو التهاب الأنف التحسُّسي.
  • الإكزيما: أو ما يُشار إليه أيضًا باسم التهاب الجلد التأتبي (بالإنجليزية: Atopic dermatitis)، إذ يكون الأطفال الرضَّع المُصابون بالإكزيما أكثر عرضة للإصابة بحساسية الحليب.


أعراض حساسية الحليب عند الرضع

تبدأ أعراض حساسية الحليب بالظهور على الرضيع خلال عدة دقائق من تعرُّض الرضيع للحليب البقري أو منتجاته، أو خلال عدة أيام من ذلك، فأحيانًا قد تظهر الأعراض بعد حوالي 7-10 أيام، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأعراض قد تظهر أيضًا على الأطفال الرضَّع الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية بشكل كلي في حال تناولت الأم الحليب البقري.[٤][٧]وتختلف شدة الأعراض من رضيع إلى آخر، وتعتمد على كمية الحليب التي تعرَّض لها الطفل،[٧]وفي الحقيقة يمكِّن أن تُسبِّب حساسية الحليب أعراضًا مختلفة للطفل نفسه في أوقات مختلفة، فظهور أعراض خفيفة على الطفل في المرة الأولى بعد تناوله للحليب، لا ينفي احتمالية أنّ تكون الأعراض أكثر شدّة وخطيرة في المرات المقبلة،[٨] ويمكن بيان الأعراض على النحو الآتي: 


الأعراض التي تظهر خلال دقائق من تناول الحليب البقري

  • الشرى، وهو طفح جلدي يتكون من نتوءات صغيرة حمراء على الجلد مثيرة للحكّة.[٧]
  • الصفير.[٩]
  • تورُّم الوجه، والشفاه، والعينين، واللسان.[٩]
  • ألم في البطن.[٩]
  • الإسهال.[٩]
  • التقيؤ.[٩]
  • خشونة الصوت.[٩]
  • ارتباك الرضيع، أو تغيُّر درجة الوعي.[٩]


الأعراض التي تظهر على الرضيع بعد مرور فترة أطول من الوقت:[٦]

  • الإسهال والذي قد يكون مصحوبًا بخروج الدم.
  • المغص عند الرضّع وتشنجات البطن.
  • سيلان الأنف.
  • تدميع العينين.


في الحالاتٍ الشديدة، قد يحدث ردّ فعلٍ تحسسي شديد (بالإنجليزية: Anaphylaxis)، يُطلق عليه اسم التأق أو الصدمة الأرجية، الذي يتطلب مراجعة الطوارئ على الفور، إذ يُسبِّب تضيُّق الممرات الهوائية للرضيع فيؤثر في تنفسه، كما يؤثر في جلد الطفل، ومعدته، وضغط دمه.[٤][٦]


ما هو الفرق بين حساسية الحليب وعدم تحمُّل الاكتوز؟ 

من الجدير بالذكر أن حساسية الحليب حالةٌ مختلفة عن عدم تحمّل اللاكتوز (بالإنجليزية: Lactose Intolerance)، فينتج هذا الأخير عن نقص في الأنزيم الازم لتحلُّل سكر اللاكتوز الموجود في الحليب داخل الجسم، وتجدر الإشارة إلى أنّ حساسية الحليب أكثر شيوعًا عند الرضَّع والأطفال، في حين يزداد شيوع عدم تحمُّل اللاكتوز مع العمر،[١٠]كما يؤثر عدم تحمّل اللاكتوز في المعدة والجهاز الهضمي، فيؤدي إلى الإصابة بالغازات، وألم في البطن، والإسهال، في حين قد تؤثر حساسية الحليب في المعدة والجهاز الهضمي، بالإضافة إلى تأثيرها في جلد الطفل، وتنفسه.[١١]


تشخيص حساسية الحليب عند الرضع

لا يوجد فحص تشخيصي محدَّد يمكِّن أن يؤكد إصابة الطفل بحساسية الحليب أو ينفيها،[٤] إلا أن الطبيب يقوم بإجراء فحصٍ جسدي للطفل، ويسأل العديد من الأسئلة عندما يشكّ الوالدين بمعاناة طفلهم من حساسية الحليب، بالإضافة إلى ذلك فقد يطلب عددًا من الفحوصات مثل:[١٢] 

  • تحليل لعينة من البراز.
  • تحاليل الدم.
  • فحص الجلد: وفيه يُدخل المُختصّ كميةٍ صغيرة من البروتين الموجود في الحليب والمسبُّب للحساسية تحت سطح الجلد، وبعدها يدل تورُّم المنطقة إن حدث ذلك على إصابة الطفل بحساسية الحليب. 


ولتشخيص إصابة الرضيع بحساسية الحليب يمكن أن يطلب الطبيب أن تتوقف الأم عن إعطاء طفلها الحليب، أو تتوقف عن تناول الحليب ومنتجاته، ومن ثم تبدأ بإعادة إضافة الحليب تدريجيًا إلى نظام طفلها الغذائي، لتحديد ما إن كان ذلك سيؤدي إلى إصابة الطفل بالحساسية، وأحيانًا قد يعطي الطبيب الطفل أطعمة معينّة، بعضها يحتوي على الحليب؛ لتحديد ما إنّ كان مُصابًا بحساسية الحليب.[١٣]


علاج حساسية الحليب عند الرضع

 يختلف علاج حساسية الحليب عند الأطفال الرضّع باختلاف طريقة الرضاعة التي يعتمدون عليها،[١٤] ويمكن بيان ذلك على النحو الآتي:[٣]

  • علاج الأطفال الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية: يبدأ علاج حساسية الحليب عند الرضع الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية من الأم المرضع، إذ يجب عليها أن تمتنع عن تناول الحليب أو أي من منتجاته، مع البحث عن بدائل غذائية أخرى، ومصادر أخرى للحصول على كميات كافية من الكالسيوم والحديد.[٣]
  • علاج الأطفال الذين يعتمدون على الرضاعة الصناعية: إذا كان الرضيع يعتمد في تغذيته على الحليب الصناعي، فقد ينصح الطبيب بتجربة أنواع أخرى من الحليب الصناعي المناسبة للأطفال المُصابين بالحساسية، والتي تكون فيها بروتينات الحليب متحللة جزئيًا،[١٥]وفي الحالات الشديدة قد ينصح الطبيب بأنواع أخرى من الحليب الصناعي التي أزيلت منها أي بروتينات مُسبِّبة للحساسية، وبعد تجاوز الطفل للعام الأول من عمره قد ينصح الطبيب بإعادة البدء بتقديم الأطعمة التي تحتوي على الحليب تدريجيًا، ويتوقع أن تختفي الحساسية في غضون أسبوعين إلى أربعة أسابيع من بدء العلاج، فإذا لم يحدث ذلك، يجب استشارة الطبيب مرة أخرى،[١٦]كما أنه من الضروري مراجعة الطبيب كل 6-12 شهر للتحقّق ما إن كان الطفل قد تخلَّص من الحساسية.[١٤]

المراجع

  1. "Milk allergy: Clinical features and diagnosis", uptodate, Retrieved 27/1/2021. Edited.
  2. "Milk Allergy", drugs, Retrieved 27/1/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت "Breastfeeding, Dairy Products, and Infant Milk Allergies", verywellfamily, Retrieved 27/1/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث "Milk Allergy in Infants", rchsd, Retrieved 27/1/2021. Edited.
  5. "Could My Infant Have Cows’ Milk Allergy?", webmd, Retrieved 27/1/2021. Edited.
  6. ^ أ ب ت "Milk allergy", mayoclinic, Retrieved 27/1/2021. Edited.
  7. ^ أ ب ت "Cow’s milk allergy", betterhealth, Retrieved 27/1/2021. Edited.
  8. "Milk Allergy in Infants", hopkinsallchildrens, Retrieved 27/1/2021. Edited.
  9. ^ أ ب ت ث ج ح خ "Milk intolerance in babies and children", pregnancybirthbaby, Retrieved 27/1/2021. Edited.
  10. "Lactose Intolerance or Milk Allergy: What's the Difference?", everydayhealth, Retrieved 27/1/2021. Edited.
  11. "Cows' milk allergy or lactose intolerance", healthnavigator, Retrieved 27/1/2021. Edited.
  12. "Milk Allergy in Infants", kidshealth, Retrieved 27/1/2021. Edited.
  13. "Milk allergy", mayoclinic, Retrieved 27/1/2021. Edited.
  14. ^ أ ب "What should I do if I think my baby is allergic or intolerant to cows' milk?", nhs, Retrieved 27/1/2021. Edited.
  15. "Milk Allergy in Infants", whattoexpect, Retrieved 27/1/2021. Edited.
  16. "Milk Allergy in Babies", parenting firstcry, Retrieved 27/1/2021. Edited.