أمراض القلب الخلقية

تُعرَف أمراض القلب الخلقية بالأمراض التي تؤثر في بنية القلب عند الطفل منذ ولادته، إذ قد تؤثر في صمامات القلب، أو جدرانه، أو الأوردة والشرايين القريبة منه، ممّا يؤثر في التروية الدموية وتدفُّق دم عبر قلب الطفل، فيتباطأ تدفُّق الدم، أو يُسدّ بشكل كامل، أو يذهب في الاتجاه الخاطئ.[١]


تُصيب أمراض القلب الخلقية حوالي 0.8-1.2% من جميع الأطفال الأحياء المولودين عالميًا، وذلك بحسب ما أشارت إليه دراسة منشورة في مجلة "Medicine (Baltimore)" عام 2020م،[٢]وتتراوح اضطرابات القلب الخلقية في شدتها من الاضطرابات الطفيفة إلى الشديدة.[٣]



أعراض أمراض القلب الخلقية

تتضمن أعراض وعلامات أمراض القلب الخلقية الشديدة والتي تكون ظاهرة بعد الولادة مباشرةً أو خلال الأشهر الأولى من عمر الطفل ما يأتي:[٤]

  • شحوب لون البشرة أو ميلانه للون الأزرق.
  • تنفُّس الرضيع بسرعة.
  • انتفاخ القدمين، أو البطن، أو المنطقة المحيطة بالعينين.
  • إصابة الرضيع بضيق التنفُّس أثناء الرضاعة، ممّا يؤثر في قدرته على اكتساب الوزن.


في حين تتضمن أعراض أمراض القلب الخلقية الأقل شدة، والتي قد تظهر على الطفل في مرحلة متأخرة من طفولته الآتي:[٤]

  • الإصابة بضيق التنفُّس بعد ممارسة التمارين الرياضية الطفيفة، التي عادةً لا تُسبِّب ضيق التنفُّس عند الأطفال الآخرين.
  • تعب الطفل بسرعة عند قيامه بأي مجهود.
  • تعرُّض الطفل للإغماء خلال ممارسته الأنشطة البدنية.
  • انتفاخ اليدين، أو القدمين، أو الكاحلين عند الطفل.


دواعي مراجعة الطبيب

يجب مراجعة الطبيب في حال ظهور أي من الأعراض السابقة على الطفل، ليقوم بإجراء الفحوصات اللازمة ويتمكن من معرفة ما إذا كانت الأعراض ناتجة عن إصابة الطفل بأمراض القلب الخلقية أو غيرها من الاضطرابات الصحية.[٥]


أنواع أمراض القلب الخلقية

يوجد العديد من أنواع أمراض القلب الخلقية التي قد تصيب الأطفال، وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض هذه الأنواع قد تحدث بالتزامن معًا،[٦]وقبل البدء بالحديث عن هذه الأنواع من الضروري ذكر الآلية التي يعمل بها القلب طبيعيًا، إذ يحتوي القلب على أربع حجرات منفصلة، ويُشار للحجرتين العلوتين باسم الأذينين، في حين يُشار للحجرتين السفليتين باسم البطينين، ويستقبل الجانب الأيمن من القلب الدم الفقير بالأكسجين، ويضخه إلى الرئتين ليتزود بالأكسجين ويتخلص من ثاني أكسيد الكربون، ثم يستقبل الجانب الأيسر من القلب الدم الغنيّ بالأكسجين ليضخه إلى باقي أنحاء الجسم عبر الشريان الأورطي.[٧]


يمكن بيان أنواع أمراض القلب الخلقية على النحو الآتي:[٦]

  • ثقوب في القلب: إذ قد تنشأ ثقوب في الجدران الفاصلة بين حجرات القلب، أو بين الأوعية الدموية الرئيسية للقلب، مما يؤدي إلى اختلاط الدم الغني بالأكسجين بالدم الفقير به، وعدم حصول خلايا الجسم على ما يكفي من الأكسجين.
  • تضيُّق صمامات القلب أو الأوعية الدموية: مما يؤدي إلى زيادة الجهد الذي يبذله القلب لضخّ الدم إلى أنحاء الجسم، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة حجمه وسماكته.
  • تشوّه الأوعية الدموية: أي عدم تشكُّل الأوعية الدموية للقلب بالطريقة الصحيحة، أو عدم وجودها في المكان الصحيح.
  • اضطراب صمامات القلب: تسمح صمامات القلب بحركة الدم في القلب بالاتجاه الصحيح وعدم عودتها بالاتجاه الخاطئ، إذ يحتوي القلب على أربعة صمامات، اثنان منها بين الحجرات القلبية العلوية والسفلية، واثنين يصل بين حجرات القلب والأوعية الدموية المتصلة به، وعدم فتح هذه الصمامات وانغلاقها بسلاسة يؤثر في تدفُّق الدم داخل القلب، والأوعية الدموية المرتبطة به.[٦][٨]
  • عدم تطوّر القلب بالكامل: وذلك كأن لا ينمو أحد أجزاء القلب بصورة كاملة.[٦]


أسباب أمراض القلب الخلقية

لا يُعرَف سبب الإصابة بأمراض القلب الخلقية في معظم الحالات، ويجب الإشارة إلى أنّها لا تنتج عن قيام المرأة بشيء معروف أثناء الحمل غالبًا، ويجدر بالذكر أنّ مشاكل القلب الخلقية تحدث خلال الأسابيع الثمانية الأولى من الحمل، إذ يبدأ تشكُّل قلب الجنين منذ لحظة الإخصاب، ويكتمل تكوّنه في الأسبوع الثامن من الحمل، [٩]وفي الحقيقة يوجد العديد من العوامل المعروفة التي تزيد من احتمالية إصابة الجنين بأمراض القلب الخلقية، ومن ذلك:[١٠]

  • العوامل الجينية: إذ يزداد خطر إصابة الطفل في حال إصابة الوالدين أو أحد أفراد العائلة الآخرين بأمراض القلب الخلقية، وفي هذه الحالة قد ينصح الطبيب بإجراء اختبارات الدم الجينية خلال فترة الحمل.
  • إصابة المرأة الحامل بالسكري قبل الحمل: إذ قد تزيد عدم السيطرة على مستويات السكر بالدم أثناء الحمل أو قبله من احتمالية إصابة الطفل بأمراض القلب الخلقية، وتجدر الإشارة إلى أنّ السكري الذي يُصيب المرأة أثناء فترة الحمل فقط لا يؤثر في احتمالية إصابة الطفل بأمراض القلب الخلقية في الغالب.
  • إصابة المرأة الحامل بالحصبة الألمانية: إذ تزيد إصابة المرأة بالحصبة الألمانية أثناء الحمل من خطر إصابة الطفل بالتشوهات القلبية.
  • إصابة المرأة الحامل بالإنفلونزا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.[١١]
  • تناول المرأة الحامل لبعض الأدوية: كالأدوية المُستخدَمة لعلاج حب الشباب، والصرع، بالإضافة إلى دواء الأيبوبروفيرن (بالإنجليزية: ibuprofen) المُسكِّن للألم خصوصًا في حال تناولته الحامل بعد الأسبوع 30 من الحمل.[١٠][١١]
  • إصابة الطفل ببعض الأمراض: مثل إصابة الطفل بمتلازمة داون، أو متلازمة نونان (بالإنجليزية: Noonan syndrome)، أو متلازمة تيرنر (بالإنجليزية: Turner syndrome)).[١١]
  • شرب الكحول أثناء الحمل.[١١]
  • التدخين أثناء الحمل .[١٢]
  • تعرُّض المرأة الحامل للمذيبات العضوية: كتلك الموجودة في الدهانات، وطلاء الأظافر، والصمغ.[١١]
  • إصابة المرأة الحامل ببيلة الفينول كيتون: (بالإنجليزية: Phenylketonuria) وهو مرض نادر، إلا أنّ عدم اتباع المرأة للتدابير اللازمة لعلاجه أثناء الحمل يزيد من خطر ولادة طفل مُصاب بأمراض القلب الخلقية.[١١]


تشخيص أمراض القلب الخلقية

تُشخّص بعض أمراض القلب الخلقية عند الأطفال قبل ولادتهم باستخدام فحص تخطيط صدى القلب للجنين (فحص الإيكو) الذي يستخدم الموجات فوق الصوتية لتصوير قلب للجنين، في حين تُشخّص هذه الأمراض في أحيان أخرى بعد الولادة، أو بعد ذلك أثناء مرحلة الطفولة، أو حتى بعد وصوله لمرحلة البلوغ.[١٢]


ويبدأ تشخيص أمراض القلب الخلقية عادةً بسماع الطبيب لصوت غير طبيعي، والذي يُشار إليه باسم لغط القلب (بالإنجليزية: Heart murmur)، أثناء قيامه بالفحص بالسماعة[١٣]، وعندها قد يقوم بطلب الفحوصات الآتية حتى يتمكن من التشخيص:[١٤]

  • مخطط صدى القلب: (فحص الإيكو) وفيه تُستخدَم الموجات فوق الصوتية لأخذ صور للقلب.
  • مخطط كهربائية القلب: والذي يُعرَف اختصارًا باسم ECG، ويُستخدَم للكشف عن النشاط الكهربائي للقلب.
  • القسطرة القلبية: وفيه يقوم الطبيب بحقن صبغة خاصة لرؤية ما داخل القلب والمشاكل المتعلقة به.
  • التصوير بالأشعة السينية: تُستخدَم هذه لمعرفة مدى قدرة القلب على النمو بشكل سليم، وما إذا كانت رئتا طفلك تحتويان على سوائل للكشف عن مضاعفات أمراض القلب الخلقية.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي: والذي يُعرَف اختصارًا باسم MRI، فيساعد هذا الطبيب على رؤية بنية القلب بشكل أحسن من الطرق الأخرى.
  • مقياس تأكسج الدم: (بالإنجليزية: Pulse oximetry)، وهو قياس مستوى الأكسجين داخل دم الطفل.[١٥]


علاج أمراض القلب الخلقية

تُعالَج أمراض القلب الخلقية إما بالأدوية، أو الإجراءات الجراحية، أو القسطرة، ويعتمد اختيار العلاج على نوع المرض، ويجب الإشارة إلى أنّ العديد من الأطفال المُصابين لا يحتاجون إلى أية علاج، في حين يحتاج آخرون إلى علاج طوال حياتهم، والذي قد يتضمن إجراء عدة عمليات جراحية،[١٦] ويمكن بيان العلاجات على النحو الآتي:

  • العلاج بالأدوية: كالأدوية المُساعدة على إغلاق القناة الشريانية السالكة (بالإنجليزية: Patent ductus arteriosus) وهي أحد أمراض القلب الخلقية التي تتضمن وجود اتصال غير طبيعي بين شرايين القلب، وأحيانًا قد يوصي الطبيب بإعطاء الأدوية المساعدة على تقوية عضلة القلب، أو الأدوية المساعدة على وقاية الطفل من الإصابة بمشاكل أخرى تنتج عن أمراض القلب الخلقية.[١٦][١٤]
  • القسطرة القلبية: وهي ذاته الإجراء المُستخدّم في التشخيص المذكور سابقًا، إلا أنّه يتزامن أحيانًا مع إجراء الطبيب لبعض العلاجات المساعدة على فتح صمامات القلب أو الأوعية الدموية الضيقة.[١٦]
  • العلميات الجراحية: بما فيها عمليات تصحيح الثقوب، وزراعة القلب في الحالات الشديدة، وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض الأطفال المُصابون يحتاجون إلى إجراء هذه العمليات خلال السنة الأولى من عمرهم.[١٦]


يجب الإشارة إلى ضرورة مراجعة الأطفال المُصابين بأمراض القلب الخلقية لطبيب أخصائي بالأمراض القلبية بانتظام طوال حياتهم،[١٦]وقد يُنصح الطبيب الطفل المُصاب أحيانًا بالحدّ من ممارسة بعض الأنشطة البدنية والتنافسية، إلا أنّ الطفل يستطيع اللعب مع أصدقائه لممارسة نشاطات أخرى،[٣] كما تبقى ممارسة التمارين الرياضية بانتظام أمرًا مهمًا لتقوية عضلة القلب، لذا يجب استشارة الطبيب حول التمارين المسموح بها ومدة ممارستها، كما من الضروري اتباع نظام غذائي صحي للطفل لضمان نموّه وتمتعه بصحة جيدة.[١٧]


الوقاية من أمراض القلب الخلقية

لا يوجد طريقة أكيدة يمكن من خلالها تأكيد وقاية الطفل من أمراض القلب الخلقية، نظرًا لأن العديد من أسباب الإصابة بها غير معروفة إلى الآن،[١٨] لكن يوجد بعض التدابير التي يمكن للمرأة الحامل اتباعها للتقليل من احتمالية إصابة الطفل بأمراض القلب الخلقية، ومن ذلك:

  • تأكدي من أخذ مطعوم الحصبة الألمانية ومطعوم الإنفلونزا، وتجدر الإشارة إلى أنّه غالبًا ما يُطعّم الشخص ضد الحصبة الألمانية خلال مرحلة الطفولة، ولكن في الحالات التي لم تأخذ فيه المرأة المطعوم أثناء طفولتها فيُنصَح بأخذه، والانتظار مدة شهر على الأقل قبل البدء بمحاول الحمل.[١٨][١٣]
  • تجنُّبي شرب الكحول أثناء الحمل.[١٨]
  • تجنبي التدخين أو التعرُّض لدخان السجائر أثناء الحمل.[٥]
  • تجنُّبي أخذ أي دواء خلال الحمل دون استشارة الطبيب، بما في ذلك الأعشاب والمكملات الغذائية، والأدوية التي كنت تأخذينها سابقًا.[٥]
  • احرصي على أخذ المكملات الغذائية التي تحتوي على 400 ميكروغرام من حمض الفوليك خلال الثلث الأول من الحمل، إذ يُقلِّل هذا من احتمالية إصابة الجنين بأمراض القلب الخلقية، وغيرها من الاضطرابات الخلقية.[١٨]
  • تجنُّبي التواصل مع أي أشخاص مُصابون بأي من أنواع العدوى.[١٨]
  • احرصي على اتباع جميع التدابير اللازمة للمحافظة على مستويات السكر بالدم، إذا كنتِ مُصابة بالسكري.[١٨]
  • تجنبي التعرُّض لأي من المواد الضارة الموجود في الدهانات، ومزيلات طلاء الأظافر، والمواد المُستخدَمة في التنظيف الجاف.[١٨]


المراجع

  1. "Congenital Heart Defects", MedlinePlus, Retrieved 9/12/2020. Edited.
  2. "Incidence and mortality trend of congenital heart disease at the global, regional, and national level, 1990–2017", ncbi, Retrieved 9/12/2020. Edited.
  3. ^ أ ب Kate M. Cronan, MD (1/10/2018), "Congenital Heart Defects", KidsHealth, Retrieved 9/12/2020. Edited.
  4. ^ أ ب "Congenital heart defects in children", mayoclinic, Retrieved 9/12/2020. Edited.
  5. ^ أ ب ت "Congenital heart defects in children", St. Clair Hospital, Retrieved 9/12/2020. Edited.
  6. ^ أ ب ت ث "Congenital heart defects in children", drugs, 25/2/2020, Retrieved 9/12/2020. Edited.
  7. "How the Heart Works", Michigan Medicine, 15/12/2019, Retrieved 9/12/2020. Edited.
  8. "Heart Valves", clevelandclinic, Retrieved 9/12/2020. Edited.
  9. "Congenital Heart Disease", STANFORD CHILDREN'S HEALTH, Retrieved 9/12/2020. Edited.
  10. ^ أ ب James Beckerman, MD, FACC (7/8/2020), "What Makes Congenital Heart Defects More Likely?", webmd, Retrieved 9/12/2020. Edited.
  11. ^ أ ب ت ث ج ح "Congenital heart disease", nhs, Retrieved 9/12/2020.
  12. ^ أ ب "What are Congenital Heart Defects?", cdc, Retrieved 9/12/2020. Edited.
  13. ^ أ ب James Beckerman, MD, FACC (7/8/2020), "What Makes Congenital Heart Defects More Likely?", webmd, Retrieved 10/12/2020. Edited.
  14. ^ أ ب "Congenital Heart Disease", familydoctor, 19/11/2019, Retrieved 10/12/2020. Edited.
  15. "CONGENITAL HEART DEFECTS AND CRITICAL CHDS", March of dimes , Retrieved 10/12/2020. Edited.
  16. ^ أ ب ت ث ج "Congenital Heart Defects", NHLBI, Retrieved 10/12/2020. Edited.
  17. Yvette Brazier (4/10/2018), "Congenital heart disease and heart defects", medicalnewstoday, Retrieved 10/12/2020. Edited.
  18. ^ أ ب ت ث ج ح خ "Congenital heart disease", nicswell, Retrieved 10/12/2020. Edited.