هل لاحظتِ على طفلكِ صعوبةً في بناء الصداقات مع أقرانه والأطفال من عمره، أو أنه يمتلك سلوكيات غير طبيعية أو متكررة، ومع ذلك فهو يتميز بمستوى عالٍ من الذكاء إذا ما قورنَ مع الأطفال الآخرين؟ تعد هذه بعض علامات الإصابة بمتلازمة أسبرجر أو توحد أسبرغر (بالإنجليزية: Asperger's Disorder)،[١] فما هي متلازمة أسبرجر؟



ما هي متلازمة أسبرغر؟

تنتمي متلازمة أسبرجر إلى اضطرابات طيف التوحد (بالإنجليزية: Autism Spectrum Disorders)، وهو مجموعة من الاضطرابات العصبية التطورية التي تؤثر في مهارات التواصل، والقدرات اللغوية، بالإضافة إلى أنماط التفكير والسلوك عند الطفل، وعلى عكس الأطفال المُصابين باضطرابات التوحد الأخرى، يحتفظ الأطفال المصابون بمتلازمة أسبرجر بمهاراتهم اللغوية المبكِّرة،[٢] ولا يعانون من تأخر في الكلام، وعادةً ما يتمتعون بمستوى ذكاء عالٍ، لكنهم يميلون إلى اللعب، والتعلم، والتحدث، والتصرف بشكل مختلف عن الأطفال الآخرين.[٣]


أعراض متلازمة أسبرغر

يُعد هوس الطفل بموضوع أو شيء معين من دون غيره أكثر علامات الإصابة بمتلازمة أسبرجر وضوحًا، فتراهم يريدون معرفة كل شيء عن هذا الموضوع، والجزء الأكبر من محادثاتهم مع الآخرين يكون عنه، كما أنّ نمط كلامهم الرسمي، والمفردات التي يستخدمونها، تجعلهم يظهرون وكأنهم أساتذة مختصون في الموضوع الذي يتحدثون فيه.[٢] تظهر علامات توحد أسبرجر على الأطفال في سن مبكّرة، ويمكن أن يعاني الطفل المُصاب بمتلازمة أسبرجر من عدد من الأعراض والعلامات،[٣] وهي:

  • الالتزام المفرط بالروتين، وعدم الاستجابة جيدًا لحدوث أي تغيير.[٣]
  • عدم القدرة على التواصل البصري مع الأشخاص الآخرين.[٣]
  • الاهتمام بالتفاصيل.[٤]
  • بدء المحادثات مع الآخرين، لكن مع صعوبة الحفاظ على الحديث معهم.[٥]
  • الافتقاد لمهارة المحادثات غير اللفظية، كوتيرة الصوت، فتراه يستخدم وتيرة واحدة طوال الحديث.[٤][٥]
  • صعوبة تقدير مدى قربه من الشخص الآخر أثناء الحديث معه.[٦]
  • تواصل الطفل مع البالغين بسهولة أكبر من التواصل مع أقرانه.[٥]
  • عدم إظهار المشاعر أو التعاطف مع الآخرين.[٥]
  • القيام بحركات غير متوازنة، وتكرار بعض الحركات.[٤]
  • فرط الحساسية للأضواء الساطعة، وبعض الروائح.[٤]
  • تأخر تطوّر المهارات الحركية، كأن يواجه صعوبةً في تنفيذ بعض المهام، مثل ربط شرائط الحذاء.[٦]
  • المشي بطريقة غير طبيعية، مع عدم أرجحة الأذرع أثناء المشي.[٦]
  • صعوبة فهم النكات التي يطلقها الآخرون، إذ يفسِّر هؤلاء الأطفال الأشياء التي تحدث من حولهم بشكل حرفي.[٦]
  • عدم اللعب بالألعاب التي تعتمد على الخيال، كالألعاب التي عليه فيها أن يمثِّل وكأنه شخصية أخرى.[٦][٣]
  • القلق والاكتئاب.[٤]


سبب متلازمة أسبرغر

لا يوجد سببٌ معروفٌ وأكيد حتى الآن للإصابة بمتلازمة أسبرجر، ولكن من المُحتمل أن يكون للجينات أو العوامل البيئية دورًا في ذلك،[٧] ويمكن بيان العوامل التي تزيد من خطر الإصابة باضطراب طيف التوحد، ومن بينها متلازمة أسبرجر:[٨]

  • الإصابة ببعض الاضطرابات الجينية الأخرى مثل: متلازمة داون، ومتلازمة كرموسوم X الهش، المُسبِّبة لحدوث مشاكل فكرية.
  • تقدُّم عمر الأبوين عند ولادة الطفل، أي أن يكون عمر الأم 35 عامًا أو أكبر، أو أن يكون عمر الأب 40 عامًا أو أكبر.
  • وجود أخ أو أخت مُصابًا باضطرابات طيف التوحد.
  • الجنس، إذ تصيب متلازمة التوحد الذكور بشكل أكبر من الإناث.
  • ولادة الطفل قبل الأسبوع 26 من الحمل.


يجب الإشارة إلى أنّه لا علاقة للمطاعيم ولا للظروف الاجتماعية بحدوث اضطرابات طيف التوحد.[٧]


تشخيص متلازمة أسبرغر

يجب على الأهل في حال ملاحظتهم أيًا من الأعراض سابقة الذكر مراجعة طبيب الأطفال للقيام بالتشخيص الصحيح، ومن ثم تحويل الطفل إلى الطبيب المناسب،[٩] ويبدأ التقييم عادةً بأسئلةٍ عن القدرات الاجتماعية، والعاطفية، ومهارات الاتصال لدى الطفل، بالإضافة إلى مهاراته الحركية، وقدراته على التعلم،[٧] وفي الحقيقة لا يوجد أي اختبارات للدم أو فحوصات تصويرية يمكنها تشخيص إصابة طفلك بمتلازمة أسبرجر،[٣] ومن الأسئلة التي سيقوم الطبيب بسؤالها أثناء التشخيص ما يأتي:[٩]

  • ما هي الأعراض التي ظهرت على طفلكِ، ومتى لاحظتها أول مرة؟
  • متى تعلم طفلكِ الكلام لأول مرة؟
  • كيف يتواصل طفلك مع الآخرين؟
  • هل يركّز طفلكِ على أيّة مواضيع أو نشاطاتٍ محددة؟
  • هل لدى طفلكِ أصدقاء؟


علاج متلازمة أسبرغر

يمكن للتشخيص الدقيق أن يساعد على فهم الصعوبات التي يواجهها الطفل، وبالتالي تقديم الدعم والعلاج المناسب له، وتحسين قدرته على التواصل مع الآخرين، ومن بين أساليب العلاج التي من الممكن تقديمها للطفل ما يلي:[٦]

  • المساعدة على تطوير وتحسين المهارات التعليمية والأكاديمية: يساعد تنظيم الواجبات الدراسية المنزلية على دعم الطفل، بالإضافة إلى مساعدته على تنظيم الملاحظات واحتياجاته التعليمية، ومراقبته لملاحظة إن كان يعاني من أية صعوبات، وتجدر الإشارة إلى أنّ معظم الأطفال المصابين بمتلازمة أسبرجر قادرون على ارتياد المدارس الاعتيادية.
  • تحسين المهارات الاجتماعية عند الطفل: كتدريب الطفل وإرشاده إلى استيعاب الإشارات غير اللفظية التي تحدث عند تواصله مع الآخرين، وإرشادهم إلى كيفية الاستجابة لها.
  • تدريب الطفل على مهارات التواصل مع الآخرين: يساعد اختصاصي النطق واللغة الطفل على تعليم الطفل كيفية بدء المحادثة والاستمرار فيها، بالإضافة إلى تعليمه كيفية استخدام نبرة الصوت المناسبة في الأسئلة، أو الخلافات، وكيفية تفسير الإشارات اللفظية وغير اللفظية والاستجابة لها.
  • العلاج السلوكي المعرفي: (بالإنجليزية: Cognitive behavioral therapy) ويكون ذلك بتعليم الطفل كيفية تحكّمه في المشاعر، ومحاولة تعليمه صرف النظر عن بعض الاهتمامات المحدّدة له، وبعض السلوكيات الروتينية المتكررة.
  • العلاج الوظيفي أو العلاج الطبيعي: تساعد هذه الأنواع من العلاجات الأطفال ممن يعانون مشاكل في التنسيق الحركي.
  • الأدوية: لا يوجد أيّة أدويةٍ مُعتمدَة يمكن استخدامها لعلاج متلازمة أسبرجر، لكن قد يصف الطبيب بعض الأدوية لعلاج القلق والاكتئاب الذي قد يرافق بعض الأطفال المُصابين.[٩]


التعامل مع المصاب بمتلازمة أسبرغر

يعاني الأطفال المصابون بمتلازمة أسبرجر من صعوبة التواجد في الأوساط الاجتماعية، لذلك يبحث الأهل عن النصائح التي بإمكانهم اتباعها للتعايش مع الطفل المصاب بمتلازمة أسبرجر وتحسين الأعراض لدى الطفل، إلا أن ذلك يتطلب الكثير من الصبر، ومن ذلك:[١٠]

  • لا تحاولي إخفاء طفلك وإبعاده عن الآخرين: وبدلًا من ذلك اسمحي له بخوض العديد من المواقف الاجتماعية، فهذا سيسمح لكِ وله بالعمل معًا لتخطيها، فمع الوقت ستتمكنين من تعليم طفلك السلوكيات المناسبة.
  • حاولي معرفة العوامل والمحفزات التي تُسبِّب ضيق طفلكِ: وحاولي تجنبها.
  • كوني واضحة في تفسير السلوكيات التي تتوقعين من طفلك القيام بها في مختلف المواقف الاجتماعية: وذلك باستخدامك للغة بسيطة مناسبة لعمر الطفل، وكرّري ذلك مرات ومرات عليه.
  • شجعي شغف طفلك وإبداعه وروح الدعابة لديه: فاستغلي كل فرصة لمدح طفلك وإظهار صفاته المرغوبة.
  • تجنبي الصراخ على طفلك أثناء تصرفه بطريقة غير لائقة: فهذا سيزيد الأمر سوءًا فقط، وحاولي عندها أخذ طفلك للمشي بعيدًا وتهدئته، وبعدها حاولي فتح حديث ليخبرك طفلك عن مشاعره في ذلك الوقت، ثم علميه كيف يمكنه التعامل مع مواقف شبيهة في المستقبل.
  • اتركي لطفلك العديد من الملاحظات، وكرري قول العديد من الأمور التي تساعده على التعامل مع المواقف التي يتعرَّض لها في حال عدم وجودك بجانبه: فمثلًا يمكنك لفّ النقود التي سيدفعها طفلك مقابل وجبة غذاء بملاحظة ليقول شكرًا للشخص الذي سيدفع له.
  • أنشئي لغة خاصة بينك وبين طفلك: واتفقي معه على كلمات معينة لا يستطيع الآخرين فهمها عندما يواجه طفلك مشكلة ما، فهذا سيساعدك على التعامل بنجاح مع الموقف، من دون تعريض طفلك للسخرية.
  • حاولي تحسين مهارات التواصل اللفظية وغير اللفظية لدى طفلك مع الآخرين: فذكريه دائمًا بأهمية التواصل البصري، وساعديه على كشف ماذا تعني تلميحات الوجه وحركات الآخرين، وعلى الرغم من أنّ هذا قد يأخذ وقتًا طويلًا، ولكن احرصي على الالتزام به.

المراجع

  1. "Asperger's Disorder", American Academy of Child and Adolescent Psychiatry, 1/2019, Retrieved 27/12/2020. Edited.
  2. ^ أ ب "Asperger Syndrome Information Page", National Institute of Neurological Disorders and Stroke, 27/3/2019, Retrieved 27/12/2020. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح "What is Asperger’s syndrome?", familydoctor.org, 13/6/2019, Retrieved 27/12/2020. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث ج "What Is Asperger Syndrome?", Autism Speaks , Retrieved 27/12/2020. Edited.
  5. ^ أ ب ت ث "Asperger’s disorder", raisingchildren.net.au, 18/12/2018, Retrieved 27/12/2020. Edited.
  6. ^ أ ب ت ث ج ح Adam Felman (20/12/2017), "What to know about Asperger's syndrome", MedicalNewsToday, Retrieved 27/12/2020. Edited.
  7. ^ أ ب ت "Asperger's syndrome", healthdirect, 11/2018, Retrieved 27/12/2020. Edited.
  8. Sarah Lewis (29/10/2020), "What is Asperger syndrome?", Healthgrades, Retrieved 27/12/2020. Edited.
  9. ^ أ ب ت Y DAN BRENNAN, "Asperger's Syndrome", webMD, Retrieved 27/12/2020. Edited.
  10. "8 Tips for Parents of Children with Asperger’s Syndrome", CMHN, Retrieved 27/12/2020. Edited.