يؤثر مرض التوحد في قدرة الأطفال على اللعب، فتراهم يُفضلون البقاء لوحدهم، ويلعبون بألعاب معينة بالطريقة ذاتها دون غيرها، وفي الحقيقة يعد التأخر في القدرة على اللعب التخيلي الإبداعي -تخيُّل الطفل لنفسه وتمثيله وكأنه شخص آخر، كتخيل نفسه طيار، أو استخدام الأشياء وكأنها أشياء أخرى، كتخيُّل المعلقة ميكروفين- أحد السمات التشخيصية لمرض التوحد.[١][٢]


وعلى الرغم من أنّ اللعب للأطفال المُصابين بالتوحد قد يبدو وكأنّهم يقومون بعمل ما غير ممتع لهم في البداية، إلا أنّه يعد طريقة الطفل للتعبير عن نفسه، كما أنّه يساعد الطفل على التواصل مع الآخرين، ويجب الإشارة إلى أنّه يمكن تعليم الطفل مهارات اللعب، والتقليل من عزلته، وجعله يستمتع باللعب، وينمّي مهاراته خصوصًا في حالات التدخُّل المبكِّر.[١][٣]


كيف يلعب أطفالُ التوحد

يلعب الأطفال المصابون بالتوحد بشكلٍ مختلف عن الأطفال الآخرين، إذ يُكرّرون حركات اللّعب مرارًا وتكرارًا، كما أنّهم لا ينخرطون في الألعاب التي تتطلب منهم تخيُّلًا، أو تعاونًا مع أقرانهم، أو تواصلًا اجتماعيًّا مع غيرهم.[٤]


لذلك يُلاحَظ أنّ أطفال التّوحّد لا يُقلّدون أقرانهم لتعلم مهارات لعب جديدة كما هو الحال عندَ الأطفال الآخرين، ولا يطرحون الأسئلة على غيرهم عندما يشعُرون بالحيرة، ولا يتعاونون باللّعب معهم، لذلك إذا بدا لكِ أنّ طفلك غير مُبالٍ للأطفال الآخرين، وبدا لكِ أنّه غير قادر على تعلُّم مهارات اللعب الجديدة من خلال المُشاركة والمُلاحظة والتواصل اللفظي، لا بد من مراجعة الطبيب.[٤]


وفيما يأتي بعضٌ من العلامات التي يُمكنكِ مُلاحظتها على طريقة لعب أطفال التّوحّد:[٤][٥]

  • يُفضّل الطّفل اللعب بمفرده طوال الوقت تقريبًا: فتراه يجلِس بمُفرده في زاويةِ ما بالملعب أثناء لعب الأطفال، ويُفَضل البقاء بالمنزل على اللّعب.
  • ليست لديه قُدرة أو رغبة في فهم القواعد الأساسية للعب المشترك مع الأقران.
  • ينخرِط في أنشطة أو طُقوس لعب تبدو غير هادفة ومتكرِّرة: مثل فتح الأبواب وإغلاقها، أو ترتيب الأشياء باستمرار وتصنيفها، وبعض الأطفال يستمتع بمشاهدة الأشياء تسقط فتراهم يسقطون لعبة ما باستمرار، وبعضهم يستمتع برؤية الأشياء تدور، فتراهم يحاولون تدوير الأشياء باستمرار.
  • لا يستجيب لكلمات أو سلوكيات الآخرين من حوله: فقد يكون يتجول مع مجموعة ما دون إدراكه بأنّهم يلعبون معًا.
  • عدم القدرة على لعب الألعاب التي تعتمد على الخيال: كتخيل نفسه وكأنه شخص آخر، أو تخيُّل اللعبة على أنّها شخص حقيقي



أنواع مهارات اللّعب عند أطفالُ التّوحُّد وكيف تساعدي طفلك في كل منها

يُشارك الأطفال عادةً في ستة أنواع رئيسية من اللعب، والتي تتطور على مراحل، ولكن يحتاج أطفال التّوحّد إلى مُساعدة إضافيّة في كُل مرحلة، وهي كالآتي:[٦]

  • اللعب الاستكشافي: وذلك عندما يبدأ الطّفل باستكشاف الأشياء والألعاب بألوانها، وأشكالها، وملمسها قبل البدء باللعب فيها، ويُمكنكِ أن تُساعدي طفلك المصاب بالتّوحّد عن طريق تشجّعيه على استكشاف الأشياء من حوله، إذ يُمكنكِ أن تُشجّعيه على رش الماء أثناء الاستحمام، وفرك الصابون بين أصابع يديه.
  • ألعاب السّبب والنّتيجة: وذلك يتضمّن الألعاب التي تُحتاج إلى عمل شيء ما لتحقيق نتيجة معينة، كالضغط على زر لإصدار صوت موسيقى مثلًا، ولتُساعدي طفلك المُصاب بالتّوحّد عليكِ توضيح كيفية القيام باللّعبة لطفلك أحيانًا، والتناوب على القيام بها بينك وبينه، بالإضافة لمدح طفلك وتشجيعه.
  • اللّعب الوظيفي: وهذا النّوع من الألعاب يتضمّن فهم الطفل للغرض الرئيسي من اللعبة، واللعب بها وفقًا لذلك، كاللعب بلعبة السيارة بتحريكها على الأرض،[٧] ويُمكنكِ أن تُساعدي طفلك المُصاب بالتّوحد ليلعب هذه الألعاب من خلال:[٦]
  • اجلسي أمام طفلك ليتمكن من النظر إليكِ والتواصل معك.
  • قدّمي لطفلك لعبتين أو ثلاث ألعاب يحبها.
  • قلّدي ما يفعله طفلك أثناء اللّعب بدايةً، ثم أضيفي حركات أخرى، وتجنّبي أن تُوجّهيه، فمثلًا إذ اختار طفلك اللعب بسيارة بتدوير عجلاتها فقط، ابدأي بذلك، وبعد مدة ضعيها على الأرض وحركيها.
  • شجّعي طفلك أثناء لعبه.
  • كافئي طفلك وامنحيه رُدود فعل إيجابيّة.
  • لاحظي علامات الملل في حال ظهرت على طفلك، فعندها توقفي عن اللعب أو غيريّها.
  • اعرضي لطفلك مقاطع فيديو قصيرة تتضمّن أطفالًا يلعبون.
  • ألعاب البناء: وهي الألعاب التي يبني بها الأطفال أشياءًا ويصنعوها بأنفسهم، مثل رسم الصّور، أو تركيب القطع الصورة مبعثرة، أو الليغو، وفي الحقيقة أحيانًا يتفوق أطفال التّوحّد على الأطفال الآخرين في هذا النّوع من الألعاب، ويمكنك تشجيع طفلك المُصاب بالتّوحد على هذا النّوع من اللّعب من خلال توضيح طريقة اللّعب لطفلك.[٦]
  • اللعب الجسدي: ويتضمن ألعاب مثل الرّكض أو أي ألعاب بدنيّة أُخرى، إذ إنّ هذا اللّعب سيُمرّن جسم طفلك، ويساعده على تطوير المهارات الحركية لديه، لذلك شجّعيه على مُمارسته.[٦]
  • اللّعب التّخيُّلي: وتضمّن هذا النّوع من الألعاب تظاهُر الطّفل بأنّه يقوم بشيء حقيقي، إذ سيستخدِم الطّفل هُنا خياله، مثل التظاهر بإطعام دمية، أو تقليد الأبطال الخارقين، وغالبًا ما يتأخر هذا النوع من اللعب عندَ أطفال التّوحّد، ولكن مع المُساعدة يُمكن أن يُطوِّر أطفال التّوحد هذا النّوع في النّهاية، ويُمكنكِ أن تساعديه من خلال الآتي:[٦]
  • اختيار شخصيّة طفلك المُفضّلة من القصص الخياليّة، وساعديه على تقليدها بإحضار ملابسها المميزة، ثم شجعيه على تغيير بعض من حركاتها أو الأحداث التي تدور حولها.
  • استخدمي الملعقة بدلًا من فرشاة الشعر لتمشيط شعر اللعبة.
  • حاولي وضع صور توضيحية تساعد طفلك على استيعاب الذي يفعله.


العلاج باللعب لأطفال التوحد

يقترح العديد من الخُبراء العلاج باللّعب للأطفال الذين شُخّصوا بالتوحد، إذ من المُمكن أن يُساهم العلاج باللّعب في تحسين مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية، كما يُمكن أن يُساعدهم هذا النّوع من العلاج على التفكير بطرق مختلفة، وهذا بدوره سيُطوّر من لغتهم ويزيد من مهارات التواصل لديهم، وفيما يأتي توضيح لبعض الطّرق المُتّبعة في العلاج باللّعب:[٣]

  • طريقة اللعب على الأرض (بالإنجليزية: Floortime): وهي الطّريقة التي يلعب بها شخص بالغ مع الطّفل المُصاب بالتّوحد على الأرض وِفقًا لطريقة الطفل، بعدها يقوم بزيادة شيء ما على اللعبة، ممّا يعزِّز من مهارات التواصل لديهم، ومهارات التفكير والتركيز.
  • مجموعات اللعب المتكاملة (IPG): وتتضمن هذه الطريقة جمع الأطفال المصابين وغير المصابين بالتّوحد ضمن مجموعات للعب معًا، ليتمكّن الأطفال المُصابين بالتوحد من تعلم كيفية اللعب، فيبدأ أخصائي العلاج بتوجيه اللعبة، وبعدها يتولى الأطفال القيادة، وبالإضافة إلى دور ذلك في تعزيز مهارات التواصل لدى الطفل، فإن ذلك أيضًا يساعده على اللعب بالألعاب كما هي، ويحسِّن من مهارات اللعب التخليلي واللعب عمومًا لديه.
  • اللعب الرمزي والتنظيم (JASPER): ويكون بها الطفل لوحده مع أخصائي العلاج أو ضمن مجموعة، ومن المُمكن أن تساعد هذه الطّريقة الطّفل المُصاب بالتّوحّد على تحسين مهارات الانتباه المُشترك، أي سيُركّز الطّفل على اللّعبة والشخص الآخر في نفس الوقت، وهذه الطّريقة بإمكانها السّماح للطّفل المُصاب بالتّوحد بالانخراط في ألعاب التخيل والتحدث أكثر مع الآخرين، وتحسين مهاراته الاجتماعية.


نصائح للّعب مع أطفالُ التوحد

فيما يأتي مجموعة من النّصائح التي ستُساعدك على تحقيق أقصى استفادة من اللّعب مع الطّفل المُصاب بالتّوحد:[٨]

  • حاولي أن تبدأي مع طفلك بالألعاب التي تجذب اهتمامه دائمًا.
  • اختاري الألعاب والأنشطة التي بإمكان طفلك القيام به، ثم ابدأي بفعل بعض الحركات لتشجيعه على الانتقال للمرحلة التالية.
  • استخدمي نقاط القوّة عندَ طفلك أثناء اللّعب، فإذا كان طفلك يستجيب جيدًا للإشارات البصرية، فقدّمي لهُ نشاطًا يستغل به هذه القُدرة، مثل فرز القطع المُلوّنة.
  • لا تتحدّثي بكثرة أثناء اللّعب مع طفلك.
  • لا تُطيلي وقت اللّعب مع طفلك كثيرًا.
  • حاولي أن تغيري تصرفات طفلك غير المناسبة، فإذا كان طفلك يقوم بضرب قطع الليغو معًا، يمكنك إعطائه ألعاب مناسبة لضربها معًا، أو القيام بترتيب قطع الليغو أمامه.


أمثلة على ألعاب وأنشطة لأطفال التوحد

فيما يأتي مجموعة من الألعاب المساعدة على تطوير مهارات الأطفال المُصابين بالتّوحد:[٩]

  • لُعبة الألوان المائيّة ومُكعّبات الثّلج: وهي لُعبة يُمكنك من خلالها تلوين الماء بالألوان المائيّة، ثمّ صبّها في قوالب الثّلج باستخدام قطع من القصدير لتثبيتها، ووضع عيدان خشبيّة عليها، ثمّ السّماح لطفلك باستخدامها للرّسم على الورق.
  • لعبة اتباع القائد: وفيها يلعب مجموعة من الأطفال معًا ويكون بينهم قائد يقف أمام الجميع، بعدها يبدأ الطفل القائد بعمل حركات مختلفة على الأطفال الآخرين تقليديها، ويكون القائد التالي للعبة هو الطفل الذي لم يخطئ بتقليد الحركات، إذ تساعد هذه اللعبة على تعزيز المهارات الحركية للطفل المُصاب بالتوحد، والمهارات الاجتماعية.
  • لُعبة صُنع الأشكال: احضري العديد من العيدان الخشبية المُستخدَمة عند صنع المُثلجات، واطلبي من طفلك رسم أشكال هندسية بسيطة كالمربع والمثلث، وغيرها من الأشكال على كل عودين منها، ثم قومي بخلط هذه العيدان جميعها معًاـ واطلبي من طفلك إعادة ترتيبها ليجد العودين المتطابقين.
  • لُعبة تمييز الرّوائح من خلال الشّم: في هذه اللعّبة ستحتاج إلى أوراق ذات روائح مختلفة، أو يمكنكِ صنع ذلك بوضع روائح مختلفة على الورق كالليمون، والورد، وغيرها، ثم اطلبي من طفلك وضع الروائح المتشابهة معًا.
  • لُعبة نحت وصبّ وتشكيل الصلصال: إذ يُحبّ الأطفال المُصابين بالتّوحّد اللّعب بالصّلال وتحريكه بين أيديهم، الأمر الذي يساعدهم على تعزيز التخيُّل لديهم، ومهاراتهم الحركية.


تابعي مقال: بالصور: تعرفي على 12 نشاط مرح ومفيد للأطفال

المراجع

  1. ^ أ ب Avril Brereton, "CORE FEATURES OF AUTISM : PLAY AND BEHAVIOUR", Monash University, Retrieved 16/12/2020. Edited.
  2. Maria Masters (27/3/2019), "Pretend Play", what to expect, Retrieved 16/12/2020. Edited.
  3. ^ أ ب Renee A. Alli (6/12/2020), "Play Therapy for Autism: What to Know", WebMD, Retrieved 16/12/2020. Edited.
  4. ^ أ ب ت Lisa Jo Rudy (2/9/2020), "The Reasons Autistic Children Play Differently", verywell health, Retrieved 16/12/2020. Edited.
  5. "What Does Autism Look Like?", National Autism Center, Retrieved 16/12/2020. Edited.
  6. ^ أ ب ت ث ج with autism spectrum disorder (ASD) enjoy playing, but,play in a repetitive way "https://raisingchildren.net.au/autism/school-play-work/play-learning/play-asd#:~:text=Children with autism spectrum disorder (ASD) enjoy playing, but,play in a repetitive way", raisingchildren.net.au, Retrieved 16/12/2020. Edited.
  7. "Play", Scottish autism, Retrieved 16/12/2020. Edited.
  8. "STRUCTURED PLAY: NEW SKILLS FOR CHILDREN WITH AUTISM SPECTRUM DISORDER", Baby Bonus, Retrieved 16/12/2020. Edited.
  9. "Engaging Activities and Games for Autistic Children", firstcry parenting, Retrieved 16/12/2020. Edited.