يبدأ نشوء التوّحد أو ما يُعرف باضطراب طيف التوّحد (Autism spectrum disorder) عندما يكون الطفل رضيعاً أو في مرحلة الطفولة المبكّرة، وهو اضطراب أو خلل يتضمن مجموعة من الأعراض، وتتضمن هذه الحالة حدوث تأخر في نمو الطفل وتطوّره في عدّة جوانب، وتأخّر اكتسابه أو تعلّمه لمهارات أساسيّة معيّنة؛ لعلّ أهمها التحدّث، والتفاعل، والّلعب، وكذلك الاندماج مع الأطفال الآخرين، فما هي علامات التوحد عند الأطفال البالغين من العمر سنة؟[١]


علامات التوّحد عند الأطفال بعمر السنة

قد لا يكترث الطفل المصاب بالتوّحد عند مناداته باسمه، فهو غالباً لن يظهر أي استجابة أو أنه لن يعير ذلك أي اهتمام، حتى لو تكرّر النداء باسمه مراتٍ عديدة، ولكن يمكن أن يستجيب طفل التوّحد لأي أصوات أخرى، بينما الطفل الطبيعي الذي ينمو بطريقة صحيحة دون وجود أي خلل سنلاحظ أنّه يلحق أو يتتبّع مصدر الصوت الذي يُنادي على اسمه، بحيث أنّه يلف أو يدير رأسه باتجاه مصدر الصوت المنادي على اسمه،[٢] لذلك إذا ظهر على الطفل بعد بلوغه العام الأول أحد الأعراض التالية، فيجب على الأهل التواصل مع الطبيب مباشرة لتقييم الوضع، ونذكر من هذه الأعراض ما يلي:[٣]

  • عدم القيام بالتأشير أو التصويب على الأشياء من حوله.
  • عدم اكتسابه لأي إشارات أو إيماءات معيّنة؛ مثل حركة الوداع، أو الهزّ، أو تحريك الرأس للأعلى أو الأسفل كحركة تعبيرية للإيجاب أو الرّفض.
  • عدم وجود أي نوع من الفضول لدى الطفل، فمثلاً لا يميل إلى محاولة البحث عن الأشياء التي تتّم تخبئتها أمام عينيه.
  • عدم تلّفظه بالألفاظ التي عادة ما يتحدّث بها أو يستعملها الأطفال من نفس الفئة العمريّة، مثل "ماما"، "بابا"، "فوق"، "تحت"، "هذا"، "تلك"، "باي أو وداعاً"، "عصير".
  • عدم وجود أي مبادرات أو محاولات للحَبي أو الزحف. ((للمزيد: طفلك لا يزحف، هل هذه مشكلة؟))
  • عدم وجود أي تطوّر بمهاراته المعرفيّة بل على العكس تماماً يبدأ بفقدان أو نسيان المهارات التي كان يُتقنها.
  • وجود مشكلة في قدرته على الوقوف حتّى مع محاولات مساعدته ودعمه وإسناده.
  • وجود خلل أو مشكلة معيّنة في استجابات الطفل في مواقف معيّنة، متمثلة بعدم قدرة الطفل على الاحتفاظ بالتواصل البصري، فهو لا يركّز ولا ينظر في عيون أمّه، فمثلاً أثناء إرضاعه لا ينظر بعيون أمّه ولا يبتسم عند التبّسم له أو عند محاولة إضحاكه.[١]
  • وجود اضطرابات معيّنة أيضاً متعلقة باستجابة الطفل للمؤثرات من حوله وقدرته على الاندماج في النشاطات المسليّة أو الممتعة، والتي عادةً ما يتفاعل معها الأطفال في الوضع الطبيعي من خلال التبّسم والضحك والتركيز مع الأشخاص الذين يلاعبونهم، ويمكن أن يتظاهر الأطفال المصابون بالتوّحد بأنهم فرحون أو مسرورون ولكنهم بالحقيقة لا يحبّون مشاركة سعادتهم أو بهجتهم مع الأطفال المحيطين بهم، ونسبة قليلة منهم يمكن أن يعبّروا عمّا بداخلهم عن طريق تعابير الوجه، وبعضهم الآخر قد يظهرون نفس تعابير الوجه أو تعابير وجه ثابتة بجميع المواقف ونادراً ما يبتسمون، فيصعب معرفة متى يكون هؤلاء الأطفال سعداء.[٤]
  • عدم وجود اهتمام لدى الطفل بمسك الأشياء وإظهارها لمن حوله أو التأشير عليها، فمثلاً عند رؤيتهم لكلب قد لا يهتمون لوجوده فلا يحاولون مثلاً التأشير عليه، ولا يهتمون للفت انتباه الشخص الذي معهم مثلاً لوجود هذا الكلب من حولهم أو لا يحاولون النظر إلى عيني الأب أو الأم للتأكّد أيضاً من رؤيتهم للكلب كما رآه هو.[٥]
  • عدم وجود رغبة لدى الطفل بتقليد الآخرين من حوله، فهو نادراً ما يقوم بالتظّاهر أو تقليد حركات أو تعبيرات وجه الأم أو الأب كما الأطفال الآخرين، ولا يميل طفل التوحد إلى تقليد أي فعل يجري الآن أو يراه أمام عينيه، فمثلاً عند رؤيته لطفل يقوم بتمشيط شعره يمكن أن لا يعير هذا الأمر أي اهتمام ولن يقوم بتقليد الطفل.[٤][٥]
  • استعمال الألعاب بطريقة غريبة، فهو مثلاً يلعب بجزء من اللعبة ولا يلعب بها كما الأطفال الآخرين، مثلاً قيامه بتدوير أو تحريك عجلات لعبة على شكل شاحنة بدلاً من سياقتها واللعب فيها بشكلٍ طبيعي.[٢]((للمزيد: كيف يلعب أطفال التوحد؟ وما أنواع الألعاب المناسبة لهم؟))
  • تحريك أصابعهم أو أيديهم أو أجسادهم بطرق غريبة وغير طبيعيّة، مثل الاهتزاز بأجسادهم، والدوران، والتأرجح، والرفرفة بأيديهم، وبرم أو تدوير أصابعهم، والمشي على أصابع القدم لفترات طويلة.[٢]
  • إحداث رد فعل مُفرط أو مبالغ به أو غير طبيعي تجاه أصوات، أو مشاهد، أو قوام أو ملمس شيء ما، فقد يظهرون ردود فعل تحسسيّة مفرطة عند تعرضهم لبعض الأشياء، مثلاً قد ينزعجون بشكلٍ مفرط من صوت المكنسة الكهربائيّة، وقد يأكلون فقط الأطعمة التي لها لون محدّد أو قوام أو ملمس معيّن، وقد يلاحظ أنهم يحبّون اكتشاف ملمس الأشياء ويهتمون بذلك أكثر من غيرهم، فقد يفركون أشياء بشفاههم أو وجوههم لاكتشاف ملمسها، وتلفت انتباههم الأشياء التي تهتز؛ مثل الغسّالات، ويمكن مثلاً أن يرفرفوا بأصابعهم حول عيونهم لرؤية انعكاسات أو لمعة الضوء.[٥]


طفلي لديه بعض أعراض التوحد المبكر، ما العمل؟

هناك أهميّة بالغة جدّاً للاكتشاف المبكّر والتدّخل السريع في حالات إصابة الطفل بالتوحد، فبناءً على نتائج دراسات تمّ إجراؤها، تبيّن أن نسبة كبيرة من الأطفال المصابين بالتوّحد تقريباً اكتسبوا مهارات معرفيّة مكّنتهم من القدرة على الاندماج والتفاعل مع غيرهم من الأطفال في الرّوضة، ولكن هذه النسبّة من الأطفال تمّ تشخصيهم بالتوّحد مبكراً وتم إلحاقهم ببرامج وخطط ومناهج متطوّرة ومتخصّصة ومبنيّة على أسس علميّة مثبتة لعلاج التوحد، ومن أهم العلامات التي بمجرّد ملاحظتها أو رصدها يجب التواصل مباشرةً مع طبيب الأطفال أن يكون نمو الطفل بطيئاً أو متأخراً عن أقرانه من الأطفال، وأي علامة من العلامات المذكورة سابقاً والتي قد تدّل على الإصابة بالتوّحد، ومن الجيّد دائماً وجود متابعة للطفل من قبل طبيب الأطفال بشكلٍ روتيني حتى لو كانت مؤشرات النمو لدى الطفل متطابقة مع المؤشرات والمقاييس الطبيعيّة في هذه المرحلة العمرية.[١][٣]


هل يمكن تشخيص التوّحد على عمر السنة؟

غالباً يمكن الأخذ أو اعتماد تشخيص التوّحد من قِبل طبيب أخصائي مؤهل ومحترف للغاية ابتداءً من عمر السنتين، فالتشخيص الموثوق والمؤكّد للتوّحد قد يكون صعباً قبل عمر السنتين، ولكن في معظم الحالات يمكن ملاحظة ظهور الأعراض خلال المرحلة ما بين 12 إلى 18 شهراً من عمر الطفل، وإذا تمّ التأكّد من تشخيص الطفل بالتوّحد عند بلوغه سن 18 شهراً، فإن ذلك قد يساهم في البدء بعلاج مكّثف مبكراً لإعادة تأهيل دماغ الطفل، وبالتالي السيطرة على الأعراض التي يعاني منها، ولكن للأسف قد يحدث هناك تأخّر في اكتشاف أو تشخيص بعض حالات التوّحد، حيث تُكتشف في مراحل متأخرة مثل مرحلة المراهقة أو عندما يكون الشخص بالغاً، وللأسف أيضاً أنّ اكتشاف حالات التوّحد في مراحل متأخرة قد يقلّل من فرصة استفادة الشخص من الخيارات أو الأساليب العلاجيّة مقارنةً فيما لو تمّ اكتشاف حالته مبكّراً.[١][٦]


لعلك تساءلت: ما هي أنواع التوحد ودرجاته؟

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "Does My Child Have Autism?", helpguide, Retrieved 17/8/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت "What are the Early Signs of Autism?", healthychildren., Retrieved 17/8/2021. Edited.
  3. ^ أ ب "Early Signs in Infants and Toddlers", autismsciencefoundation, Retrieved 17/8/2021. Edited.
  4. ^ أ ب "16 Early Signs of Autism by 16 Months", readingrockets, Retrieved 17/8/2021. Edited.
  5. ^ أ ب ت "Early signs of autism", raisingchildren, Retrieved 17/8/2021. Edited.
  6. "Screening and Diagnosis of Autism Spectrum Disorder", cdc, Retrieved 17/8/2021. Edited.